Wednesday 28 November 2007



التعذيب في الأقسام والسجون

لم يكن يوما التعذيب في السجون وأقسام الشرطة سرًا على أحد، ولكن يبدو أن ثمة عوامل تضافرت مؤخرا للكشف عن تفاصيل ما يجري خلف الأسوار ووراء القضبان وفضح انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب ضد المواطن المصري، ربما كان من هذه العوامل ظهور التليفون المحمول المزود بكاميرا وانتشار استخدام الإنترنت.

وقد رصد تقرير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان 567 حالة نموذجية لتعذيب المواطنين داخل أقسام الشرطة، بينها 167 حالة وفاة توافرت لدى المنظمة شكوك قوية حول أن الوفاة جاءت نتيجة التعذيب وسوء المعاملة، وذلك خلال الفترة من 1993 وحتى يوليو 2007.

وقد شهدت الشهور السبعة الأولى من العام الحالي 26 حالة تعذيب بينها ثلاث حالات وفاة، وجاءت أغلب حالات التعذيب لعام 2007 في شهر يوليو الماضي، حيث رصدت المنظمة خلاله 10 حالات تعذيب ووفاة داخل أقسام الشرطة كان أبرزها واقعة تعذيب المواطن "يحيى عبد الله عتوم" داخل قسم شرطة سيوة، وإشعال النار في جسده، ووفاة المواطن "نصر أحمد عبدالله الصعيدي" نتيجة لتعرضه للتعذيب حتى الموت بعد أن تم سحله وضربه على أيدي قوات تابعة لمركز شرطة المنصورة.

وقد استندت المنظمة في تقريرها على الشهادات الحية لضحايا التعذيب وشكاوى وبلاغات أهالي الضحايا ومحاضر تحقيقات النيابة العامة، وكذلك تقارير الطب الشرعي والتقارير الطبية الأخرى التي وثقت آثار الإصابات الناجمة عن التعذيب، وجميع هذه الحالات ليست سوى عينة محدودة بين مئات الحالات الأخرى التي تلقت المنظمة معلومات بشأنها والتي تعذر على ضحاياها وعلى المنظمة أن تقوم بتوثيقها على المستوى ذاته، وهي في النهاية ليست سوى مؤشر على مدى شيوع التعذيب في أقسام الشرطة ومدى القصور القانوني عن وقفه وملاحقة ومعاقبة مرتكبيه.

وتتخذ أساليب التعذيب بشكل عام كوسيلة للحصول على اعترافات من أشخاص متهمين أو تدور حولهم شبهات بارتكاب جرائم أو بحق أقاربهم للاعتراف بها أو بحق رهائن من أقارب المتهمين في حالة عدم العثور على المتهم أو المشتبه فيه.

وقد أثارت "المدونات" أو "البلوجرز" على الإنترنت قضية "التنظيم السري للتعذيب" في مصر على يد ضباط بوزارة الداخلية؛ ما أدى دفع النيابة ووزارة الداخلية إلى فتح تحقيقات في العديد من هذه الوقائع، حيث قررت الداخلية فتح تحقيق لمعرفة هوية فتاة ظهرت في شريط فيديو على الإنترنت أثناء تعذيبها في أحد أقسام الشرطة، وذالك لاتخاذ الإجراءات القانونية تجاه الجناة.

وكانت مدونة "الوعي المصري" قدكشفت واقعة تعذيب الفتاة عن طريق "فيديو كليب" تم التقاطه عبر التليفون المحمول، وتظهر فيه الفتاة المتهمة بجريمة قتل تصرخ وتتألم أثناء التحقيق معها، حيث تم ربطها بين كرسيين بحبل، بينما ظهر صوت للشخص الذي يحقق معها يؤنبها بكلمات ذات إيحاءات جنسية رغم اعتراف الفتاة بالجريمة ربما عن حق أو من جراء التعذيب.

وفي ديسمبر الماضي برزت قضية "فيديو التعذيب" الذي ظهر فيه شاب متوسط العمر يدعى عماد الكبير معلقًا من قدميه، ونصفه الأسفل عار، وصورًا أخرى لأقدام من يعتقد أنهم ضباط ومساعدو شرطة، وهم يضحكون ويهددون الضحية ببث فيديو مصور بالهاتف المحمول لعملية انتهاكه جنسيًّا بعصا غليظة؛ بغرض الإهانة
.

No comments: